responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 168
[سورة الحجر (15) : الآيات 78 الى 86]
وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ (78) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ (79) وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80) وَآتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (81) وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ (82)
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (83) فَما أَغْنى عَنْهُمْ مَا كانُوا يَكْسِبُونَ (84) وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (86)
قَوْلُهُ: وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ إِنْ هِيَ الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَاسْمُهَا ضَمِيرُ الشَّأْنِ الْمَحْذُوفِ، أَيْ:
وَإِنَّ الشَّأْنَ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ. وَالْأَيْكَةُ: الْغَيْضَةُ، وَهِيَ جِمَاعُ الشَّجَرِ، وَالْجَمْعُ: الْأَيْكُ. وَيُرْوَى أَنَّ شَجَرَهُمْ كَانَ دَوْمًا، وَهُوَ الْمُقْلُ، فَالْمَعْنَى: وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الشَّجَرِ الْمُجْتَمِعِ وَقِيلَ: الْأَيْكَةُ اسْمُ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانُوا فِيهَا. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْأَيْكَةُ وَلَيْكَةُ مَدِينَتُهُمْ كَمَكَّةَ وَبَكَّةَ، وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ هُمْ قَوْمُ شُعَيْبٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ خَبَرُهُمْ، وَاقْتَصَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ هُنَا عَلَى وَصْفِهِمْ بِالظُّلْمِ، وَقَدْ فَصَّلَ ذَلِكَ الظُّلْمَ فِيمَا سَبَقَ، وَالضَّمِيرُ فِي وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ يَرْجِعُ إِلَى مَدِينَةِ قَوْمِ لُوطٍ، وَمَكَانِ أَصْحَابِ الْأَيْكَةِ أَيْ: وَإِنَّ الْمَكَانَيْنِ لَبِطَرِيقٍ وَاضِحٍ، وَالْإِمَامُ اسْمٌ لِمَا يُؤْتَمُّ بِهِ، وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ الطَّرِيقُ الَّتِي تُسْلَكُ. قَالَ الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ: سُمِّيَ الطَّرِيقُ إِمَامًا لِأَنَّهُ يُؤْتَمُّ وَيُتَّبَعُ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: لِأَنَّ الْمُسَافِرَ يَأْتَمُّ بِهِ حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُرِيدُهُ وَقِيلَ: الضَّمِيرُ لِلْأَيْكَةِ وَمَدْيَنَ لِأَنَّ شُعَيْبًا كَانَ يُنْسَبُ إِلَيْهِمَا. ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَتَمَ الْقَصَصَ بِقِصَّةِ ثَمُودَ فَقَالَ: وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ الْحِجْرُ: اسْمٌ لِدِيَارِ ثَمُودَ. قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ، وَهِيَ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَتَبُوكَ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ:
هِيَ أَرْضٌ بَيْنَ الْحِجَازِ وَالشَّامِ. وَقَالَ: الْمُرْسَلِينَ، وَلَمْ يُرْسَلْ إِلَيْهِمْ إِلَّا صَالِحٌ، لِأَنَّ مَنْ كَذَّبَ وَاحِدًا مِنَ الرُّسُلِ فَقَدْ كَذَّبَ الْبَاقِينَ لِكَوْنِهِمْ مُتَّفِقِينَ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ وَقِيلَ: كَذَّبُوا صَالِحًا وَمَنْ تَقَدَّمَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَقِيلَ:
كَذَّبُوا صَالِحًا وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَآتَيْناهُمْ آياتِنا أَيِ: الْآيَاتِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى نَبِيِّهِمْ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا النَّاقَةُ فَإِنَّ فِيهَا آيَاتٍ جَمَّةً كَخُرُوجِهَا مِنَ الصَّخْرَةِ وَدُنُوِّ نِتَاجِهَا عِنْدَ خُرُوجِهَا وَعِظَمِهَا وَكَثْرَةِ لَبَنِهَا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ أَيْ: غَيْرَ مُعْتَبِرِينَ، وَلِهَذَا عَقَرُوا النَّاقَةَ وَخَالَفُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً النَّحْتُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْبَرْيُ وَالنَّجْرُ، نَحَتَهُ يَنْحِتُهُ بِالْكَسْرِ نَحْتًا، أَيْ: بَرَاهُ، وَفِي التنزيل:
أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ [1] أَيْ: تَنْجُرُونَ، وَكَانُوا يَتَّخِذُونَ لِأَنْفُسِهِمْ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا أَيْ: يَخْرِقُونَهَا فِي الْجِبَالِ، وَانْتِصَابُ آمِنِينَ على الجر، قَالَ الْفَرَّاءُ: آمِنِينَ مِنْ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِمْ، وَقِيلَ: آمَنِينَ مِنَ الْمَوْتِ، وَقِيلَ: مِنَ الْعَذَابِ، رُكُونًا مِنْهُمْ عَلَى قُوَّتِهَا وَوَثَاقَتِهَا فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ أَيْ: دَاخِلِينَ فِي وَقْتِ الصُّبْحِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الصَّيْحَةِ فِي الْأَعْرَافِ وَفِي هُودٍ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا قَرِيبًا فَما أَغْنى عَنْهُمْ مَا كانُوا يَكْسِبُونَ أَيْ: لَمْ يَدْفَعْ عَنْهُمْ شَيْئًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْحُصُونِ فِي الْجِبَالِ وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ أَيْ: مُتَلَبِّسَةً بِالْحَقِّ، وَهُوَ مَا فِيهِمَا مِنَ الْفَوَائِدِ وَالْمَصَالِحِ، وقيل: المراد بالحق مجازاة المحسن بإحسانه والمسيئ بِإِسَاءَتِهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ

[1] الصافات: 95.
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 168
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست